¤ الإسـتشـارة:
تزوجنا منذ عشرين سنه عمره الان 44 اصغره بثمان سنوات رزقني الله بثلاث اطفال تحملت طوال تلك السنوات مسئولية البيت والتربيه لوحدي بسبب سفراته الكثيره لدرجة اني لم اشعر بوجود شريك في حياتي وكان تبريره العمل
اكتشفت منذ أربع سنوات انه يقيم علاقات عن طريق الشات حتى اني قرأت رسائل يرسلها الى احداهن طبعا كلام عشق وحب ويشكرها لانه التقى بها ووجود صور لها واجهته طبعا أنكر ثم قال انها اشياء لم تتعدى الحديث فقط وصدقته.
ولكن بعد عدة اشهر وبطريق الصدفه دخلت النت ووجدت ايميله كله رسائل منها ومن غيرها علاقات لقاءات احاديث حب في حين اني كنت احاول معه في رسائل ايميل وجوال ولكن لم يكن يرد علي بحجة انه لا يعرف هذه الكلمات وايضا واجهته كان يبرر ويحاول ان يثير مشكله اخرى مع ان الامر واضح لكثرة كذبه لاماكن سفرة وامور عديده.
طبعا يحلف ويقسم كثيرا عندما ارى اثار المكياج على قميصه اوسهرة بالساعات على النت او تلك الرنات العديده على الجوال، ولا زال الامر حتى انه اخبرني مره اذا لم يعجبني الامر الباب يفوت جمل، حتى اني سألته هل يجد قصور مني اجاب لا.
كرهته جدا جدا لا اطيق ان اراه او حتى المسه او انظر الى وجهه احيانا اتمنى لو ابصق على وجهه اذا نام لا اريده في حياتي كرهت نفسي لقبولي هذا الوضع كلما حاولت ان انسى وابرر واقدم اسباب لكي انسى اجد ما هو اقوى من افعاله تعيد بي لحالتي النفسيه التي اوصلتي لما اشعر به من إكتئاب وجدت هذا الموقع قلت اجرب اكتب ما لم استطع ان ابوح به لاي كائن، والشكر لكم
رد المستشار: د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل.
أختي الكريمة: اتصلت علي قبل مدة ليست بعيدة زوجة تشكو زوجها، وكانت منزعجة جداً حيث إكتشفتْ أن لزوجها علاقات هاتفية، وكان زوجها ينكر في البداية، وحين حاصرته بالنقاش، ووضعت الأدلة الدامغة بين يديه كان جوابه ببرود: الباب يطلع جمل!!.. وكان عرضها لمشكلتها ممزوج بقدر من الحماسة التي يبدو معها أسفها وأساها، خاصة وهي تؤكد أن ذلك الزوج كانت تتسوّله الكلمات العاطفية، وكان يعتذر لها بأنه لا يجيد ذلك الأمر أو يعتاده.
ولكن دهشتها حين اطلعت على عدد من رسائله التي كان يرسلها لمحبوباته الهاتفيات، والتي كانت تقطر عاطفة، وتذوب رقة!!.. وراحت تتذكر كيف أن تعامله معها لم يكن يخلو من خشونة، وكيف كان يمازج الجفاف سلوكه معها.. وحين فاجأتها بسؤال عما إن كان يصلي ترددت، ثم قالت: نوعاً ما!!.. أردفت: هل أفهم منك أنه يترك بعض الصلوات؟ لم تتردد، وهي تقول: في الحقيقة نعم!!
قلت لها: يا أختي: تركه للصلاة أشد خطراً، وأولى بالرثاء، من إتصالاته التي تشكين منها.. بل إن اتصالاته لم تأت إلا من فراغه الروحي، وضعفه الإيماني.. وتذكرت وقتها المثل العامي: اللي ما يخاف الله خف منه!.. وهو مثل يبدو أنه قد نحت من تجربة.
أختي الكريمة: الذي أخشاه أن يكون زوجك نسخة من الزوج الذي ذكرت خبره مع زوجته.. وأنك لم تشيري إلى شيء من ذلك في رسالتك، وأنك ربما أكدتِ فيها على ما يثيرك كزوجة تحملت الكثير!
إن أسلوب رسالتك يحمل بين طياته شعوراً بالألم الممض طوال العشرين سنة الماضية، التي تمثل عمر زواجكما، فأنت تقولين: تحملت طوال تلك السنوات مسئولية البيت والتربية لوحدي بسبب سفراته الكثيرة.. وكلمة تحمّلت توحي بأن الأمر -من جانبيه الحسي والمعنوي- كان جدّ مرهق، لكنك تحاملت على نفسك وحملتيه.. ويمثل قولك: لدرجة أني لم اشعر بوجود شريك في حياتي، وهذا شعوراً حاداً بالمرارة.
مع أنك لم تذكري في رسالتك هل كان عمله يقتضي ذلك السفر المستمر، أم كان يرضيك مجرد وجود عذر أو تبرير لسفراته المتكررة!.. بل إن قولك: وكان تبريره العمل يوحي بأنك لم تكوني مقتنعة بقوله ذاك قناعة كبيرة!.. خاصة وأنت تشيرين أن من أسباب الشك بعض الأماكن التي يسافر إليها.
الأكثر أهمية عندي أن رسالتك توحي بأن ثمة غموضاً يلف حياته مع هذه السفرات، حتى فككتِ هذا اللغز بعد ستة عشر عاماً من زواجكما!.. فأنت تشيرين إلى كثرة كذبه، وأماكن سفره، بل إلى أمور عديدة كما تقولين!
وربما إن هذا السلوك الذي يمارسه زوجك، ويجلب لك الضيق، هو شيء مصاحب لزوجك قبل الزواج، ويبدو أنك وأهلك شأن الكثيرين كان يهمكم حين زواجكِ وجود شاب مرتبط بعمل، يتقاضى راتباً مجزياً، فكيف حين يكون له ميزات كالثروة أو الوجاهة الإجتماعية أو وجود أكثر من مصدر دخل!.. وهذه الأشياء قد تعمي العيون عن السؤال الدقيق عن دين وأخلاق الشاب المتقدم.
فأنت تشيرين إلى أن زوجك لديه الإستعداد أن يكذب، بل ويقسم كثيراً على الكذب، مع وجود أدلة دامغة من قبلك!.. لكنه يتردد بين الإنكار والاعتراف الجزئي، ثم لا يلبث تحت محاصرته بالأدلة أن يلجأ إلى التهديد، إلى درجة الطلاق، فالباب إذا لم يعجبك الأمر الباب يفوت جمل!.. ومثل هذه السلوكيات تكون غالباً قرينة الانحراف الأخلاقي.
وكم سمعت من الزوجات من تطالب زوجها بالتواصل الوجداني، وتبادر هي بإرسال الرسائل، المطرزة بعبارات الحب، لكن زوجها يعتذر بأميته التامة في ذلك الجانب، وأنه لم يعتد على تلك الأمور، ثم تفاجأ بمكالمة هاتفية، أو رسالة جوال، أو بريد إلكتروني، قد أرسلها لفتاة، فإذا هو قد تحول لقيس القرن العشرين، أشواق ووله وحبّ جارف لا شاطئ له!
وغالب من يمارسون هذه السلوكيات هم يركضون وراء الجنس، حساً أو معنى، ولأنه يشعر أن زوجته تحت تصرفه وملكه فلا يرى داعياً لأن يتواصل معها بلغة وجدانية مهما كانت حاجتها إليها، لكنه يتخذ من تلك اللغة مصيدة لعدد من الفتيات، قد يمضي معهن إلى النهاية، وقد يكتفي بمجرد التلذذ السماعي!!
ولذا نجد من الزوجات من تشكو بأن زوجها كان أيام الملكة يتواصل معها بكلمات غزلية متجددة، ولكنه بعد الزواج لم يعد يتعاطى معها حتى الكلمات القديمة!
أختي الكريمة: ألحظ أنك، في الوقت الذي تدينين زوجك، تحاولين تبرئة نفسك لمجرد سؤالك إياه: إن كان يجد قصوراً منك، وإجابته بـلا!.. وقد يكون الأمر حقيقياً، بأنك لم تقصري، وأن زوجك منطوٍ على سلوك سيء.. ولكن الأمر أحياناً يكون أبعد من هذا.. فقد يكون الزوج يتطلع إلى جوانب في الزينة والمعاشرة، لم تستطع زوجته توفيرها له، إما بسبب ضعف ثقافتها الجمالية، وإما لانشغالها بالبيت والأولاد.
وربما كان الزوج من الأزواج الذين يفترضون أن على الزوجة أن تدرك ذلك دونما تنبيه، أو انه نبهها وإعتذرت بإنشغالها في أمور البيت والأولاد، وأنها إجتهدت لكن لم تسعفها ثقافتها الجمالية في الوصول إلى تطلعاته، وقد تزيد الزوجة على ذلك، مدافعة عن نفسها بأسلوب غير مباشر، حين تتهم زوجها بالإستغلال، وأنه لا يجلس في البيت، ولا يلبي كل طلباتها ومع ذلك يطالبها، أو تداري تقصيرها بالإصرار على أنها أفضل من غيرها، لكن الزوج لا يعجبه العجب، وأنه يتعمد إنتقادها، وحين يكون الزوج ضعيف الدين فقد يحاول التعويض عن طريق الإتصالات، وربما ما هو أبعد.
وسواء أكان لديك تقصير أم لا فهناك خطأ آخر.. فمن المؤكد أن زوجك لم يبدأ في الإنحراف فجأة، وثورتك العارمة الآن تنم على أنك منذ زمن كنت تلاحظين ما يدل على أمور غير مريحة، لكنك لأسباب مختلفة لم تجرئي على النقاش أو اتخاذ قرار، ومن ثم مضى مسافة بعيدة حسب ما تصورين في رسالتك.
أختي الكريمة: ليس هناك أسوأ من اليأس والقنوط، وقد امتزجت لدي المرارة والشفقة، وأنا أقرأ قولك في رسالتك: كرهته جداً جداً، لا أطيق أن أراه أو حتى ألمسه أو أنظر إلى وجهه، أحيانا أتمنى لو أبصق على وجهه إذا نام لا، أريده في حياتي، كرهت نفسي لقبولي هذا الوضع، كلما حاولت أن أنسى وأبرر وأقدم أسباباً لكي أنسى أجد ما هو أقوى من أفعاله تعيد بي لحالتي النفسية التي أوصلتني لما أشعر به من اكتئاب!!
وقد وقفتُ عند قولك: وجدت هذا الموقع قلت: أجرب أكتب ما لم أستطع أن أبوح به لأي كائن.. إذ إن كلمة أجرب توحي بقدر من اليأس، وأعتقد جازماً أن جزءاً غير قليل من مشاعرك السلبية عائد إلى تشكككِ إن لم أقل: يأسك من صلاح حال زوجك.
إنني أدرك أن حيلتك فيما يتراءى لك حال الكثيرات من أمثالك، ضعيفة، وخياراتك محدودة، وقد يعمق أساك شعورك بالعجز.. فهذا الزوج – رغم خيانته لك، وعدم مبالاته بمشاعرك، يدرك أنك مضطرة إلى البقاء معه، على الأقل من أجل الأولاد.. وكثيراً ما أتذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «احرص ولا تعجز»، إن العجز يمثل إزميلاً يظل يحفر داخل أعماق نفس الإنسان، ومن ثم يترك آثاراً سلبية عليه وعلى من حوله من الأبناء.
أتمنى أن تشعري أن لديك الكثير مما يمكن فعله، ولعل من أهم الأشياء، وأضمنها نجاحاً دعاء الله، واللجوء إليه، وتعمد الأوقات الأحرى بقبول الدعاء، ادعي الله أن يهدي زوجك، وأن يصرف عنه السوء، وأن يؤلف بين قلبيكما، وادعيه سبحانه أن يربط على قلبك، وأن يهديك لأحسن الأقوال والأعمال، ويجنبك سيئها.
ثم الرجوع إلى النفس ومحاسبتها عما تكون قد أخلت به من وظائف تتصل بعلاقتك بزوجك، ومحاولة تطوير الذات في مختلف الجوانب، المتصلة بالعلاقة الزوجية.
تجنبي أن يكون حديثك مع زوجك هو النقاش والخصام واللوم، وجميل أن تحاولي التعرف على الإختلافات بين الرجل والمرأة.
ويمكنك التنفيس، بل هو ضروري لك، وذلك عن طريق كتابة رسائل لزوجك، تودعينها كل ما في نفسك من حنق وغيظ، وحين تنتهين من كتابتها تعمدين إلى إحراقها!!
ومن المهم أن تدركي أنك حين تسمحين لجيوش القلق أن تجتاح نفسك فإنك ستخسرين كثيراً، ستضيق الدنيا في عينيك، ولن تستمتعي بحياتك، وسينعكس ذلك على تعاملك مع أولادك، وعلى نظرتك إلى الحياة والأحياء.. ولن تحققي في المقابل أي شيء إيجابي يكافئ خساراتك تلك.
وفي مقابل ذلك حين تستشعرين الثقة بالله ثم في نفسك، وتحاولين الطيران بجناحي التفاؤل فإن هذا سيعطيك فرصة أكبر للتفكير الناضج، والرؤية الواضحة.
ومن الجيد أن تتخذي قرارات تشعرك بذاتك وكينونتك، ولكن يفترض ألا تكون العاطفة هي من يملي عليك القرارات، بل التفكير الناضج، والتأمل، ودراسة الأمر بصورة جيدة، حتى يحقق الغرض منه.
أخيراً يمكنك الوقوف أمامه، ومخاطبته بقوة وإحترام، وإشعاره بمكانتك منه، ومكانته منك، ومنزلته الوظيفية والإجتماعية، وإخلاصك له، وخوفك على سمعته التي قد تتمزق في أي لحظة، فينال عقوبة الدنيا قبل عقوبة الآخرة.. والتأكيد له بأنك لا ترضين هذا السلوك منه، ولا تقبلينه، ولا تسمحين له به.. وهذا من حقك عليه كزوجة، كما أن من حقه ألا يرى منك سلوكاً لا يرضاه، أو يسمع منك لفظة ينبو عنها سمعه.
وفقك الله لكل خير، وكشف كربتك.
المصدر: موقع المستشار.